السبت، 23 يوليو 2016

بلاغة الصورة ( تمـــــــــارين و حلـــــــــول ) رقم(2)




كلية اللغة العربية  - مراكش
الأستاذ : أحمد قــادم-   
مسلك الدراسات العربية- الفصل : الرابـــــــــع
 السنة الجامعية 2015م _ 2016م



النص 2:
في حدي الحقيقة و المجاز
يقول الجرجاني :
و اعلم أن حد كل واحد من وصفي المجاز و الحقيقة إذا كان الموصوف به المفرد ، غير حده إذا كان الموصوف به جملة ، و أنا أبدأ بحدهما في المفرد ، كل كلمة أريد بها ما وقعت له في وضع واضع ، و إن شئت قلت : في مواضعة ، وقوعا لا تستند فيه إلى غيره فهي حقيقة ، وهذه عبارة تنتظم الوضع الأول وما تأخر عنه ، كلغة تحدث في قبيلة من العرب ، أو في جميع العرب ، أو في جميع الناس مثلا ، أو تحدث اليوم ويدخل فيها الأعلام منقولة كانت كزيد و عمر أو مرتجلة كغطفان ... و إنما اشترطت هذا كلّه ، لأن وصف اللفظة بأنها حقيقة أو مجاز ، حكم فيها من حيث إن لها دِلالة على الجملة لا من حيث هي عربية أو فارسية أو سابقة في الوضع أو محدثة مولدة فمن حق الحد أن يكون بحيث يجري في جميع الألفاظ الدالّة .
و أمّا المجاز فكل كلمة أريد بها غير ما وقعت له في وضع واضعها لملاحظة من الأول و الثاني فهي مجاز وإن شئت قلت : " كل كلمة جُزت بها ما وقعت له في وضع واضع إلى ما لم توضع له من غير أن تستأنف فيها وضعا لملاحظة بينما تُجُوِّزَ إليه و بين أصلها الذي وضعت له في وضع واضعها .
                                     [ أسرار البلاغة ، عبد القاهر الجرجاني ، ص : 350 ـ 352]


التمرين 3: حلّل (ي) النص تحليلا بلاغيا.
التمرين 4: ناقش (ي) المجازات التالية :

أ) أ عمير إن أبــاك غيّر رأســــــه   *****   مــر الليالي و اختلاف الأعصــــــــــر
ب) ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا   *****   و يأتيك بالأخبار ما لم تــــــــزود
ج) يغنــي كما صدحت أيكــــــــــة   *****   و قد نـبه الصــبح أطيــــــــــــــــار
د) تكاد عطاياه يجـــــن جنــــونها   *****   إذا لـم يعوذها برقية طــــــــــــالب
هـ) قال تعالى :{ أَ وَ لَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا } [ القصص : 57].

حل التمرين  1 :
1) الطرح الإشكالي:
النص حديث في حدي الحقيقة و المجاز، فما هو حد الحقيقة ؟ و ما هو حد المجاز ؟
2) المصطلح البلاغي:
الحقيقة: كل كلمة أريد بها ما وقعت له في الأصل الوضعي للغة ( المعنى المعجمي / الوضعي ) .
المجاز: كل كلمة ما أريد بها ما وقعت له في أصل اللغة ( المعنى المقامي ) و ننتقل إليه بوجود علاقة بين المعنى الوضعي و المعنى المجازي و قرينة نجتاز بها الدلالة العرفية .
الوضع: هو المعنى الذي وضع للفظ أول مرة ( المعجم ) .
الوصف : عادة يرتبط بالإسناد ؛ و هي إسناد الصفة إلى الشيء.
في المجاز لابد أن نستحضر الدلالة الوضعية للفظ ، ثم حينما ينتقل إلى دلالة ليدل على معنى آخر ، و في هذا الإنتقال لا بد أن نستحضر القرينة التي تدلنا على المعنى الحقيقي .
القرينة المانعة لا بد أن نبحث في العلاقة التي تربط بين المعنى الحقيقي و المعنى المجازي .
3) المثل البلاغي الداعم :
   أسد حيوان مفترس (الشجاعة )     
  رأيت رجلا شجاعا            ß   رأيت أسدا يحمل سلاحا 
يتضح من خلال الشاهدين أن اللفظة عندما ترد مفردة تأخذ معناها الحقيقي إلا أن يدل المقام على غير ذلك كما في قولك أسد و أنت تشير إلى الرجل الشجاع . و يرتبط المجاز بالتركيب لأن الكلمة تأخذ معناها المجازي داخل السياق الذي ترد فيه ، عندما تستوفي القرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي ، و بدون قرينة مانعة يمكن للفظة أن تدل على المعنى الحقيقي داخل التركيب .
يستفاد من هذا أن الحقيقة ترتبط بالإفراد ، وأن المجاز يرتبط بالتركيب في عموم القول ، لكن المقام قد يجعل الإفراد و التركيب على خِلاف ذلك .
4) القضايا البلاغية:
أ) حــد الحقيقــة :
يرى الجرجاني أن الحقيقة ترتبط بالأصل الوضعي للفظ عندما يقع في موضع لا يستند فيه إلى غيره ، و يقصد به أن الكلمة عندما تطلق أول مرة فلا تراد بها إلا حقيقة الشيء .
ب) حــد المجــاز :
يرتبط المجاز لدى الجرجاني بكل كلمة أريد بها غير ما وضعت له في أصل اللغة ، و يضيف أن المجاز يرتبط بكل كلمة جُزت بها ما وضعت له في وضع واضع إلى ما لم تُفض له .
نفهم من هذا الكلام أن المجاز يرتبط بالإنتقال من الدلالة الوضعية إلى دلالة ثانية ترتبط ضرورة بالسياق .
5) خلاصة تركيبية:
إن الحديث عن الحقيقة و المجاز يستبطن أمرا مهما في البلاغة العربية ، ذلك أن الانتقال من المعنى الأول إلى المعنى الثاني لا يلغي المعنى الأول الذي بدونه لا يتحقق المجاز ، و لا تتحقق الغاية من الانتقال من الأصل الوضعي للفظ إلى المعنى المجازي ذي الصلة بالمقام ، ففي قولنا : رأيت أسدا يحمل سلاحا ؛ نكون قد وظفنا لفظة أسد في غير ما وضعت له في أصل اللغة و تكون عبارة " يحمل سلاحا " قرينة مانعة من إرادة المعنى الوضعي ، لكن كون لفظة أسد مجازا لا يلغي أن المعنى الأول الذي يدل على أنه حيوان مفترس و شجاع و أن صفة الشجاعة هذه هي الجامعة بين الأسد الحيوان و الأسد الإنسان ، و نفهم من هذا أن استحضار المعنى الوضعي منطلق جوهري للانتقال إلى المعنى المجازي ، حتى و إن كانت اللفظة في السياق المجازي تدل على غير ما تدل عليه في السياق الوضعي .

حل التمرين 2 :

أ) أ عمير إن أبــاك غيّر رأســـــــــــه   *****   مــر الليالي و اختلاف الأعصـــــــــــــر
مجاز عقلي أسند فيه الفعل إلى غير ما هو له ( الليالي ) ، و الحقيقة أن الشعر لا تغير الليالي لونه ، و إنما  سببه مرور تلك الليالي و الكبر في السن أو ضعف تغذيته ، وهذا مجاز علاقته السببية .

ب) ستبدي لك الأيام ما كنت جـــــــــــاهلا   *****   و يأتيك بالأخبار ما لم تــــــــــزود
مجاز عقلي في قوله : (ستبدي لك الأيام ) ؛ حيث أسند الفعل إلى غير فاعله الحقيقي " الأيام " ، لأن الفاعل الحقيقي هو حوادث الأيام و أسند الفعل إلى زمانه و العلاقة هنا زمانية .
ج) يغنــي كمــــــا صدحت أيكـــة   *****   و قد نـبه الصــبح أطيـــــــــــــــــــــارها
المجاز عقلي في قوله : ( صدحت أيكة )؛ و الأيكة هي الشجرة ، فالشجرة لا تغني لكن الشاعر أسند الفعل إلى غير فاعله و الطيور هي التي تصدح و الأيكة مكان لها و العلاقة مكانية .

د) تكاد عطاياه يجـــــن جنـــــــــــونها   *****   إذا لـم يعوذها برقية طــــــــــالب
المجاز عقلي في عبارة ( يجن جنونها ) و علاقته المصدرية ؛ حيث أسند الفعل إلى مصدره . 

هـ) قال تعالى :{ أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا } [ القصص :57] .
لا يكون الحرم آمنا لأن الإحساس بالأمن من شيم الأحياء و إنما يكون مؤمنا ، و قد أسند الفعل إلى ضمير المفعولية ، و هذا مجاز عقلي علاقته المفعولية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق